Anbacom : زياد الدريس - نقلا عن "الحياة" اللندنية
10-03-2010
لم أكن, حين كتبت مقالتي الأربعاء الماضي: «العالم كافر», منفعلاً أو متوتراً كما ظن بعض الذين علقوا على المقالة, لكنني لا أنفي أني كنت مستاءً من فتاوى التكفير «المحلي والدولي!», وكما لا يخفى فإن كل متوتر مستاء... وليس كل مستاء متوتراً!
البعض استكثر عليّ أن أقول رأيي في فتوى صادرة عن عالم شرعي معتبر. البعض الآخر استنكر مني الخوض في مثل هذه المسائل, وأن مقالتي تلك غير المعهودة مني, لم تكن سوى تقرّب وزلفى نحو تيار آخر مناوئ! وقد كتبت موضحاً لأحد الذين أحسنوا التعبير عن رأيهم المخالف «أني لم أنكر حتمية وجود التكفير في كل دين, لكني استنكر التراشق بالتكفير داخل أهل الدين الواحد. يتضاعف هذا الألم حين يكون التكفير على قضايا فرعية مختلف فيها بين العلماء أنفسهم». قال معلقاً على مقالتي: «إن كان كلامه في التعليق على فتوى الشيخ البراك وهو من هو في العلم والتقى والورع... فواأسفاً على زياد «! ولم أجد أمامي ما أقوله له سوى تذكيره بالمقولة التي لم أجد ترديداً في أدبيات الصحوة أكثر منها وأقل تفعيلاً لها وهي: «كلٌ يؤخذ من كلامه ويرد إلا صاحب ذلك القبر صلى الله عليه وسلم».
لم تكن مقالتي «العالم كافر» هي عن فتوى الشيخ عبدالرحمن البراك تحديداً, لكنها لا شك كانت حافزاً لكثيرين غيري للكتابة عن أدبيات وعوالم التكفير والتكفير المضاد.
أجزم أن بعضاً, ولن أقول كثيراً, من الذين أسعدتهم فتوى الشيخ البراك قد أحزنتهم فتوى الشيخ القادري، وأن بعضاً ولن أقول كثيراً, من الذين أحزنتهم فتوى الشيخ البراك, قد أسعدتهم فتوى الشيخ القادري!
كان المرجع الكبير العالم الشيخ (الألقاب من الصحيفة الفرحة!) محمد طاهر القادري قد أفتى, الخميس الماضي, أن الانتحاريين «لن يدخلوا الجنة ولن يشموا ريحها», وقد (قرّر) القادري أن «الانتحاريين سيخلدون في نار جهنم».
الشيخ القادري لا يزاول التكفير, فهي مرحلة تجاوزها, بل هو يقرر بحزم وعزم لا يساوره شك إعلان قوائم الذين سيدخلون جهنم!!
الشيخ القادري أصدر هذه الفتوى في 600 صفحة, على رغم أنه يعلم أو ينبغي أن يعلم أن الانتحاريين تكفيهم 6 صفحات أو 6 سطور فقط للإقدام على العملية الانتحارية من مريديهم, ولن تصرفهم 600 أو 6 آلاف صفحة فتوى ممن يدخلونهم نار جهنم وبئس المصير.
نخطئ كثيراً إذ نظن أن هذا «العنف» هو الذي سيجلب لنا «التسامح»!
وإذا كانت الألف كتاب التي ألفها الشيخ القادري حول الموضوع خلال 15 عاماً, بحسب ما قاله في حوار صحافي, لم تغير من الواقع شيئاً, فهل ستكون فتوى الـ 600 صفحة هي الفتح المبين في دحر الانتحاريين؟!
المسارعة في التكفير وإعلان المصير ليست خطاب الإسلام ولا المنهج النبوي الرحيم الذي قال واصفاً الله عز وجل: «الله أشد فرحاً بتوبة عبده حين يتوب إليه من أحدكم... إلخ الحديث», وقوله صلى الله عليه وسلم: «الله ارحم بعباده من الوالدة بولدها».
الله... ما أحلى الرفق الذي ما وضع في شيء إلا زانه وما نزع من شيء إلا شانه.
Source : http://www.anbacom.com/articles.php?action=show&id=2839
Comments